آخر الأخبار

لماذا الامريكان بيوتهم من الخشب ؟. مع ان بيوتهم بتحترق كل سنة ! اسئلة حيرت عقلك

 



في عمق كوارث الطبيعة تظهر أحيانًا قصص غامضة تشبه لغزاً يحتاج إلى حل، ولاكن بينما كانت حرائق الغابات تلتهم آلاف الأفدنة في كاليفورنيا بلا هوادة، وتُحوِّل الأحياء إلى رماد، ظهر لغز غريب لفتَ أنظار وسائل الإعلام والجمهور على حد سواء.وسط مشهد الدمار في حي باسيفيك باليسيد. والذي كان واحدًا من أكثر الأحياء تأثرًا بالكارثة. وَقَف بيت واحد بمفرده. متماسكًا كأنما يتحدى اللهب. وصفته الصحافة بأنه "البيت المعجزة". مالسبب الذي جعل هذا المنزل ينجو بينما احترقت المنازل المحيطة به بالكامل؟
 .شاهد الفيديو الموجود في الأعلى لمعرفة الاجابة على هذا السؤال

كاليفورنيا أرض الجمال والفرص، تتحول إلى جحيم كل عام تقريبًا بفعل حرائق الغابات. مع امتداد هذه الكوارث على مساحة تزيد عن 40 ألف فدان هذا العام وحده، كان الجميع يدرك أن الكارثة الحالية هي واحدة من الأسوأ في التاريخ الحديث. أكثر من 12,300 مبنى دُمِّر بالكامل، وأُجبِر آلاف السكان على الفرار تاركين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم وأحيانًا ذكريات حياتهم بأكملها

رجال الإطفاء وصفوا المشهد بأنه كابوس متجدد. فالنيران كانت تتحرك بسرعة رهيبة، تتغذى على المنازل الخشبية كما لو كانت حطبًا معدًّا خصيصًا. كانوا يقولون إن مجرد اشتعال منزل واحد يعني أن الحريق سينتقل بسرعة إلى المنازل المجاورة، لتنهار الأحياء بأكملها كقطع دومينو ملتهبة

ووسط هذا الجحيم. بقي بيت واحد بمنأى عن الكارثة. تقارير الصحفيين وصور الأقمار الصناعية أكدت أن هذا المنزل لم يكن مجرد مصادفة، فقد بدا كأنه محمي بسحرٍ غامض، مما أثار موجة من التكهنات والنظريات



البيت الذي وُصف بأنه "المعجزة" أثار فضول الجميع. كان يبدو وكأنه نقطة ضوء في بحر من الرماد. بينما تفحَّمت البيوت التي تحيط به إلى درجة لا يمكن معها التمييز بين ملامحها السابقة، ظل هذا البيت قائمًا، بل بدا كما لو أنه لم يمسه دخان

وسائل الإعلام تكهنت بالكثير. بعضهم قال إن البيت مصنوع من مواد خارقة للطبيعة، بينما ذهب آخرون إلى افتراض وجود تقنية سرية أو نظام أمني متطور يحميه. ولاكن عندما بدأت التحقيقات، ظهرت الحقيقة، وكانت أبسط مما توقع الجميع: المنزل كان مبنيًا من الحجر والخرسانة

في حين أن معظم منازل كاليفورنيا تُبنى من الخشب، وهو مادة سهلة الاحتراق، كان هذا المنزل استثناءً. جدرانه الحجرية وسقفه الخرساني جعلاه يقاوم الحريق، بينما المنازل المحيطة به اشتعلت بسهولة كأنها أعواد ثقاب

ولاكن لماذا تبني أمريكا، التي تُعرف بتقدمها، منازلها من الخشب؟ ولماذا يصر السكان على استخدام مادة بناء بهذا القدر من الخطورة في مواجهة الحرائق المتكررة؟


لطالما اعتُبرت المنازل الخشبية جزءًا من الثقافة الأمريكية. يروِّج البعض لفكرة أنها تعكس انسجامًا مع الطبيعة، بينما يقول آخرون إنها خيار تقليدي متوارث منذ أيام الاستعمار. ولكن الحقيقة، كما تكشف الإحصائيات، هي أن الخشب ببساطة أرخص بكثير من الخرسانة والحديد. أمريكا، بفضل غاباتها الشاسعة التي تغطي حوالي ثلاثة ملايين كيلومتر مربع، تمتلك فائضًا ضخمًا من الخشب. وبهذا، فإن تكلفة بناء المنازل الخشبية تظل أقل بكثير مقارنة بالمنازل الخرسانية

ولاكن هذه التكاليف المنخفضة تأتي بثمن باهظ على المدى الطويل. المنازل الخشبية قد تكون أسرع وأرخص في البناء، لكنها تفتقر إلى مقاومة الكوارث الطبيعية مثل الحرائق. وهذا ما يجعل مشهد الدمار في كاليفورنيا منطقيًّا، ولكنه أيضًا يثير أسئلة حيوية حول سياسات البناء

والمثير للسخرية هو أن هذا السيناريو ليس جديدًا. في العديد من المناطق التي تعرضت لموجات حرائق مدمرة في الماضي، أعاد السكان بناء منازلهم بالطريقة نفسها وبالمواد نفسها. وكأنما هناك إصرار جماعي على تكرار الأخطاء. حتى مع انسحاب بعض شركات التأمين من تغطية المنازل الخشبية في المناطق عالية الخطورة، يظل الخشب هو الخيار الأول


الإحصائيات تشير إلى أن حوالي 44 مليون منزل في أمريكا مبني من الخشب، والكثير منها يقع بالقرب من الغابات المصنفة كمناطق ذات خطورة عالية. بعض الولايات، مثل كولورادو، شهدت بناء أكثر من مليون منزل خشبي في مناطق معرضة للحرائق بشكل متكرر. ومع ذلك، لم تتغير السياسات أو العادات بشكل جذري


مع تزايد حرائق الغابات من حيث الشدة والتكرار، بدأت بعض الولايات الأمريكية تفكر في تغيير القوانين لتشجيع استخدام مواد بناء أكثر أمانًا. ولكن التحدي الحقيقي يكمن في تغيير عقلية السكان الذين يرون في الخشب خيارًا عمليًّا واقتصاديًّا


واحدة من الحلول التي بدأت تبرز هي تقنية البناء السلبي. هذه الطريقة تعتمد على تصميم المنازل بطريقة تجعلها تستهلك طاقة أقل وتكون أكثر مقاومة للحرائق. المنازل السلبية تُبنى بجدران معزولة تقلل من انتشار النيران، كما أنها تصمم لتقليل الفتحات التي يمكن أن تدخل منها الشرر. ورغم الفوائد الواضحة لهذا النوع من البناء، إلا أن انتشاره ما زال بطيئًا. في لوس أنجلوس، على سبيل المثال، هناك حوالي 20 منزلًا فقط من بين كل 1000 منزل يُبنى بهذه الطريقة


حرائق كاليفورنيا ليست مجرد كارثة طبيعية. إنها إنذار واضح بشأن الحاجة إلى إعادة التفكير في أسلوب البناء والمواد المستخدمة. "البيت المعجزة" الذي صمد وسط الجحيم ليس مجرد استثناء، بل هو دليل على أن القرارات البسيطة، مثل اختيار المواد الصحيحة، يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا


ومع استمرار تغير المناخ وزيادة مخاطر الكوارث الطبيعية، قد يكون الوقت قد حان لإجراء تغييرات جذرية في الطريقة التي تُبنى بها المنازل في أمريكا. ربما لن يكون هناك دائمًا بيت معجزة، ولكن يمكن أن تكون هناك أحياء أكثر أمانًا إذا تم اتخاذ القرارات الصحيحة

ربما تبدو تكلفة البناء بالخرسانة المقاومة للحرائق مرتفعة عند البداية، لكن الحقيقة التي لا يمكننا إنكارها هي أن هذه التكلفة أقل بكثير من الثمن الذي يدفعه الناس حين يتحول حلم الاستقرار في منازلهم إلى كابوس من الرماد.

إن اتخاذ قرارات واعية واستثمار الموارد في الحلول طويلة الأمد ليس فقط اختيارًا حكيمًا، بل هو أيضًا مسؤولية تجاه أنفسنا وأحبائنا. فالوقاية دائمًا أفضل من البحث عن علاج بعد فوات الأوان



 لا تنسى مشاهد الفيديو الموجود في الأعلى ومشاركتنا برأيك في التعليقات أسفل هذا المقال

2 تعليقات

أحدث أقدم

نموذج الاتصال