في زاوية من الشرق الأوسط، هناك أرضٌ تبدو كصندوق كنزٍ مدفون. أرضٌ تحتوي على ثروات هائلة تكفي لتحويل حياة شعبٍ بأكمله إلى رفاهية لا تقل عن مستوى المعيشة في أوروبا، وربما أكثر. هذه الأرض هي شمال شرق سوريا، حيث تقبع الثروات الطبيعية والزراعية والنفطية تحت وطأة التعقيد السياسي والعسكري.
شاهد الفيديو في الأعلى لمعرفة المزيد والتفاصيل أو إضغط هـــنـــا للإنتقال الى قناة اليوتيوب .
الزراعة والمياه: شريان الحياة المهدور
تمثل منطقة شمال شرق سوريا ما يقرب من 50% من الأراضي السورية القابلة للري، وهي ما يجعلها العمود الفقري للإنتاج الزراعي في البلاد. ليس هذا فقط، بل إن 95% من الموارد المائية في سوريا تأتي من هذه المنطقة.
الأنهار: عصب الموارد المائية
نهر الفرات، الأطول في سوريا، يمتد لمسافة 610 كيلومترات داخل الأراضي السورية من إجمالي طوله البالغ 2280 كيلومترًا. يُنتج نهر الفرات حوالي 15 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، ويُستخدم لري مساحاتٍ زراعية هائلة، بالإضافة إلى توليد الكهرباء عبر سد الفرات.
نهر دجلة، ورغم أن طوله داخل سوريا لا يتجاوز 50 كيلومترًا، إلا أنه يغذي مساحات زراعية في شمال شرق الحسكة.
نهر الخابور، بطول 402 كيلومتر داخل سوريا، يُعتبر من أهم روافد الفرات ويغذي شبكة ريٍ واسعة.
هناك أيضًا أنهارٌ أصغر، مثل نهر الجغجغ بطول 100 كيلومتر، ونهر الزركان، والتي تدعم المناطق الزراعية المحيطة بالحسكة.
السدود: مخازن المستقبل
تلعب السدود دورًا استراتيجيًا في المنطقة. من أبرزها:
سد الفرات: أكبر سد في الشرق الأوسط، تم بناؤه عام 1968 واكتمل عام 1973. يوفر مياه الري، يولد الكهرباء بطاقة تصل إلى 800 ميغاواط، وينظم تدفق نهر الفرات.
سد تشرين: يمتد على نهر الفرات شمال شرق مدينة حلب، ويُنتج 630 ميغاواط من الكهرباء عبر ست مجموعات توليد.
سد البعث: ثالث أكبر السدود السورية على نهر الفرات، يُستخدم لدعم الزراعة والطاقة.
الثروات الزراعية: خزان غذاء سوريا
بفضل الأراضي الخصبة والمياه الوفيرة، تُعتبر شمال شرق سوريا "السلة الغذائية" للبلاد. من أبرز المحاصيل:
القمح: يُعتبر المحصول الاستراتيجي الأول في سوريا.
الشعير والقطن: يلعبان دورًا كبيرًا في دعم الاقتصاد المحلي.
إلى جانب الزراعة، هناك الثروة الحيوانية التي تُعد ركيزة اقتصادية مهمة. تربية الماشية تشمل الأغنام، الأبقار، الماعز، والدواجن، ويعتمد عدد كبير من السكان عليها كمصدرٍ رئيسي للدخل.
النفط والغاز: الذهب الأسود المحاصر
تمتد حقول النفط والغاز في شمال شرق سوريا لتضم حوالي 90% من احتياطيات البلاد. قبل الحرب، كان إنتاج سوريا من النفط يقارب 387 ألف برميل يوميًا، يُصدر معظمها للخارج. اليوم، تراجعت الأرقام إلى حوالي 30 ألف برميل يوميًا بسبب الصراع.
أبرز حقول النفط والغاز
حقل العمر (دير الزور):
كان يُنتج قبل الحرب حوالي 80 ألف برميل يوميًا.
استولت عليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عام 2017 بدعم أمريكي.
حقل التنك (دير الزور):
ثاني أكبر الحقول، إنتاجه قبل الحرب وصل إلى 40 ألف برميل يوميًا، بينما الآن لا يتجاوز 5-10 آلاف برميل يوميًا.
حقول الجفرة وكونيكو:
تُعتبر من أكبر حقول الغاز في المنطقة، وقد لعبت دورًا كبيرًا في دعم الاقتصاد المحلي قبل الحرب.
حقول الحسكة
حقول رميلان: تضم أكثر من 1322 بئرًا نفطيًا، يُقدر إنتاجها الحالي بحوالي 90 ألف برميل يوميًا.
حقول السويدية: الأعلى إنتاجًا في سوريا، تُنتج حوالي 26 ألف برميل يوميًا.
حقول الشدادي والهول واليوسفية: تُشكل عصب الاقتصاد في المنطقة.
الاقتصاد والصراع السياسي
ما يجعل هذه الثروات مركز صراع عالمي هو موقعها وأهميتها الاستراتيجية. قوات "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة تسيطر على معظم هذه الموارد، مما يحرم الدولة السورية من استغلالها.
وفقًا لتحليلات اقتصادية، إذا تم استغلال هذه الثروات بالكامل وبشكل صحيح، يمكن أن تجعل المواطن السوري يعيش بمستوى رفاهية أعلى من نظيره الأوروبي.
ثروات بين الحلم والحصار
شمال شرق سوريا ليس مجرد أرض، بل ساحة تتقاطع فيها المصالح الدولية والصراعات الإقليمية. هل ستعود هذه الثروات يومًا لتكون مصدر رخاء للسوريين؟ أم أنها ستظل وقودًا لصراعات لا تنتهي؟
"شمال شرق سوريا... ثروات تساوي المليارات وأحلام تُدفن في الرمال."
التسميات
الوثائقية
شاركونا أرائكم في التعليقات
ردحذفجيد جداً 🌹
ردحذف